خطاب الأبيض 2017

بسم الله الرحمن الرحيم

حزب الأمة القومي – ولاية شمال كردفان

اللقاء الجماهيري بمدينة الأبيض – ميدان الحرية

13 مايو 2017م

خطاب الإمام الصادق المهدي رئيس الحزب

 

بسم الله الرحم الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه.

أخواني وأخواتي، أبنائي وبناتي، مع حفظ الألقاب لكل الحاضرين من أعضاء حزب الأمة وكيان الأنصار، والقوى السياسية الأخرى،

السلام عليكم ورحمة الله،،

أنا وزملائي نشكركم شكراً جزيلاً على هذا الاستقبال الذي فيه الحماسة، والتطلع لنظام جديد، والاستعداد لبذل التضحيات، والكلام القيم الذي سمعناه من ممثليكم عبر هذا المنبر: الحبيب علي سالم، والحبيب أحمد بشير، والحبيبة فاطمة نور الدين، والحديث الذي أدلى به الحبيب منصور زاكي الدين، وفيه تجسيدٌ للمعاني التي تمثلونها، وكذلك الكورال الذي سمعناه، وفيه ما فيه من المعاني والحماسة، فلكم الشكر الجزيل. نحن جئنا لنحمسكم فحمستونا،  وجئنا نخاطبكم فخاطبتونا، وهذا جعلنا نشعر أن بيننا وبينكم المودة والوصال والتفاهم قائم ومتصل تماماً:

وَسُنَّةُ اللهِ في الأحبَابِ أَنَّ لَهُم                وَجْهَاً يَزِيدُ وُضُوحَاً كُلَّمَا اْبْتَعَدَا

صحيح ابتعدنا لظروف. الظروف التي بها مُنعنا باعتقالات ومنافٍ، ولكن تلك الظروف كانت ضرورية لكي نعمل جاهدين ومجتهدين للمعاني التي نريدها، نريدها للسودان وليس لأنفسنا.

إن معارضتنا ليست معارضة حزبية بل معارضة وطنية، لذلك في كل المراحل وكل الظروف التي كان من الضروري فيها أن نقول كلمة وطنيةً، حتى إذا كان هذا على حساب مصلحتنا السياسية، قلناها.

نحن عُرض علينا عدة مرات مشاركة السلطة، وكان كلامنا واضحاً: سلطة لا تكفل للناس حقوقهم وحرياتهم، لا نشترك فيها أبداً.

أخواننا وزملاؤنا في الفجر الجديد قالوا لنا وعملوا على أن نتفق على ميثاق، قلنا لهم نحن معكم لمصالح مشتركة، ولكن لا بد ألا يشمل هذا الميثاق إسقاط النظام بالقوة، ويجب ألا يشمل أيضاً تقرير المصير، وفي النهاية جزاهم الله خيراً اتفقوا معنا في إعلان باريس، وفي نداء السودان، على هذه المعاني.

المعاني التي تقول هذه أهدافنا، ونحققها إما عن طريق حوار باستحقاقاته أو عن طريق انتفاضة سلمية، تخلياً عن إسقاط النظام بالقوة، وتخلياً عن تقرير المصير لصالح نظام سوداني عريض يشمل الكل، ويحقق لكل السودانيين حقوقهم ومصالحهم.

نحن إذن نعمل للعمل الوطني وليس العمل السياسي الحزبي. ونغلّب دائماً المصلحة الوطنية على أية مصلحة حزبية:

  • جاءني الأخ المرحوم مجذوب الخليفة، وقال لي إنه ذاهب لأبوجا ليحاور أخواننا في الحركات المسلحة الدارفورية، وقال لي إننا سوف نعمل كذا، وأريد أسأل عن رأيك. قلت له يا أخ مجذوب “نحن لو كنا سياسيين لو لقيناكم في النار نزيدكم حطب، لكنا لسنا سياسيين بل وطنيين، ودحين أنا بقول ليك هسع ثلاث كلمات لو أخذتهن تمشي هناك أضمن ليك الجماعة يوقعوا، ويقوم السلام”. ما هي تلك الثلاثة أشياء؟ الأولى: بالنسبة للإقليم يكون واحداً أم ثلاثة، وبالنسبة للحواكير، وبالنسبة لتمثيل دارفور في الرئاسة، ترجعوا لما كان قبلكم “كما كنت”. النقطة الثانية: بالنسبة للناس في معسكرات النازحين واللاجئين، هؤلاء يكون الوعد لهم بتعويض شخصي، وتعويض جماعي. الموضوع الثالث: أهل دارفور يُكتب نصيبهم في السلطة والثروة بحسب حجم السكان. الثلاث نقاط  هذه إذا عملتوها ووضعتوها في الدستور أنا أضمن لك أن توقع جماعة العدل والمساواة، وجماعة حركة تحرير السودان.

قال لي لا نقبل ذلك.. لماذا؟  قال لأن تعديل الدستور يتناقض مع اتفاقية السلام، ولأن الإقليم واحد أو ثلاثة يتناقض مع ثوابت الإنقاذ. قلت له “خلاص امسك بقراتك المقدسة دي، لكن سلام مافي”.

وفعلاً قال لي أحد المشاركين في ذلك الحوار وهو الحبيب إبراهيم سليمان، قال لي: “والله لو قالوا هذا الكلام الذي قلته لهم، لكان الطرف الآخر مستعد يوقع، وكانت اتفاقية سلام دارفور تقوم منذ سنة 2006م”. وهذا كله دليل على أننا لا نشتغل بالكلام الحزبي السياسي.. بل بالكلام الوطني.

  • وأيضاً حينما جاءت اتفاقية السلام 2005م قلنا لهم هذه الاتفاقية زعمت أنها سوف تحقق وحدة جاذبة، وحريات، وسلام. لكنها لن تحقق هذا ولا هذا ولا ذاك. لماذا؟

أولاً: لن تحقق سلاماً ولا تحول ديمقراطي ولا وحدة، وكتبنا هذا الكلام. ولم يراعوه للأسف، كل الكلام الذي قلناه لهم ليتنبهوا له تحقق، ولذلك لم تحقق سلاماً ولا حققت التحول الديمقراطي، ولم تحقق وحدة.

  • نحن على طول الخط أخذنا الموقف الوطني وليس السياسي. حينما كان الأخ البشير بصدد أن يعتقل في جنوب أفريقيا، والناس كلهم طالبوا بأن يقبض، ومحكمة جنوب أفريقيا قالت يقبض، نحن قلنا لا، نحن قضيتنا ليست مع شخص بل قضيتنا مع نظام، صحيح نحن نريد التوفيق بين المساءلة والاستقرار. وهكذا، موقفنا أننا نستهدي بالموقف الوطني وليس المصلحة الحزبية.

والآن جئناكم هنا ولا  شك أن الوالي تصرف معنا بتقدير، بصورة لم نشهدها بالنسبة للولاة الآخرين. فهذه خامس ولاية نأتي لها، في الولايات الأخرى كانوا يتحاشوننا، أو  يعاكسوننا ويعرقلوا علينا. لكنه على أي حال هنا أخذ موقفاً يشبه المواطن السوداني، هذا لا يعني أنه تارك مبادئه وأفكاره ولا نحن تاركين مبادئنا وأفكارنا، ولكن “الدين المعاملة”، فهذه معاملة راقية نحترمها ونقدرها.

وللأسف كل الآخرين من الولايات التي ذهبنا إليها كان سلوكهم فيه درجة عالية من “اللولوة” ودرجة عالية من الغموض والعرقلة. على كل حال الطريق وهذه المسيرة  سائرة، لأنها تقصد أهدافاً محددة سأبينها لكم الآن إن شاء الله.

ولكن قبل أن أدخل فيها  أذكر لماذا غبت سنتين ونصف؟ غبت سنتين ونصف ليس كما يعتقد البعض أني خائف من أن يعتقلوني، نحن بالنسبة إلينا الاعتقال تزكية، الإنسان الذي يعمل في العمل العام بالنسبة له هذه المشقات من وسائل الترقية ليست بالنواشين بل ترقية بالنضال، “أَشَدُّ النَّاسِ بَلَاءً الْأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ”[1]، ومثل ما قال أبو الطيب:

لَوْلا المَشَقّةُ سَادَ النّاسُ كُلُّهُمُ                ألجُودُ يُفْقِرُ وَالإقدامُ قَتّالُ

لذلك الغيبة لم تكن لذلك، هناك ثلاثة أمور كانت الغيبة بسببها، هي:

الأولى: أن نتكلم مع أخواننا في الجبهة الثورية لكي نتفق على تجاوز إسقاط النظام بالقوة، وتجاوز تقرير المصير، لكي نتفق على معادلة أخرى، وهذا الذي حصل وتم إعلانه في إعلان باريس وبعدها تبناه الحمد لله نداء السودان فيما بعد. هذه كانت المهمة الأولى وهي مهمة كانت لها دروباً أخرى وهي العمل على الاتفاق حول خريطة الطريق التي سأتطرق إليها بعد قليل.

الموضوع الثاني: أننا نشاهد المنطقة العربية الإسلامية مشتبكة في حروب لا مستقبل لها غير الدمار المتبادل، لذلك عقدنا مؤتمرات كثيرة، وفي نهايتها  ستكون لدينا مجموعة من الحكماء لكي يعملوا على تيسير العلاقة، والحوار الجاد، والتوافق الإسلامي/ العلماني، الإسلامي/ الإسلامي، السني/ الشيعي. كل هذه الأشياء ضروري جداً أن نتفق عليها، ولذلك فقد كانت الغيبة  لعقد مؤتمرات لكي نحقق هذا العمل من أجل إقصاء هذه الحروب واحتواء هذه الفتن.

الموضوع الثالث: متعلق بمخاطبتنا للأسرة الدولية: إنكم تريدون أن تحملوا المسلمين التطرف والإرهاب، التطرف والإرهاب الموجود صحيح أن اجتهاد بعض المسلمين التكفيريين يسير في خطه، ولكن لولا غزو أفغانستان ما كانت القاعدة، ولولا احتلال العراق ما كانت داعش، وهكذا، هذه الحركات جاءت نتيجة لفعل كبير جداً قام به البعض في الأسرة الدولية.

لذلك بالنسبة لنا كانت الغيبة لكي ننجز هذا العمل، والحمد لله قدرنا أن نعمله وقطعنا فيه شوطاً، وبعد أن انتهى بحمد الله رأينا العودة.

من دلائل أن التزاماتنا كانت دائماً وطنية، ولا تُقدم المصلحة السياسية، أننا في مرة نحن كمعارضين بعضنا لغم العاصمة كلها لكي تفجّر، وأعطانا البعض في إريتريا وفي ليبيا إمكانات لعمل ذلك، وفعلاً هذا حصل وجاءوني ليقولوا إننا خلاص مستعدين نعمل ذلك. الجواب لا لا.. هذا ليس أسلوبنا ولا وسيلتنا. قالوا لي يا فلان الكلام ده نحن خلاص لغمناها وإذا مشينا نفكها سيكشفونا.. (قلت لهم) اليكشفوكم، إن شاء الله يعتقلوكم المهم، نحن لا يمكن نتسمى بعمل مثل هذا في السودان.

نحن بنُسأل؛ لماذا تعارضون إذا كان كلامكم كهذا، لماذا تعارضون؟ كلام واضح ومحدد:

أولاً: نحن ضد الاستيلاء على السلطة بالقوة مبدأً، لأن من يستولى على السلطة بالقوة سيحميها بالقوة يعني دكتاتورية، هذا الخطأ الأول.

ثانياً: تشويه الإسلام: الإسلام عندما ترفع رايته فإن له استحقاقات:

(وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ)[2] الكرامة،

(وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْۚ)[3]. الحرية،

– (اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ)[4] العدالة،

–  (ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً)[5] السلام،

– (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)[6] المساواة.

هذه هي حقوق الإنسان  الخمسة في الإسلام، إذا لم تستوف هذه الاستحقاقات لا يمكن ندعي أن هذا إسلام، لذلك عارضنا.

ومشينا .. أنا ذهبتُ لشيخ الأزهر وقلت له يا شيخ الأزهر هاك هذا الكلام.. هل هذا إسلام؟ قال لي لا ليس إسلاماً، قلت له طيب لماذا لا تقول ذلك، قال لي لا أستطيع قول ذلك لأنهم سيقولون تدخل في السياسية. لكن على أي حال كان هذا الكلام.

ثالثاً: الفساد: القاعدة التي قالها المرحوم الزبير عن الفساد. الزبير الله يرحمه قال كلاماً واضحاً: “نحن أولاد فقراء جئنا للمسئولية لو شفتونا عملنا العمارات وعملنا العربات وسوينا كذا اكتبوا علينا فاسدين”.خلاص هو قالها وصار الكلام الذي قاله الآن لا يحتاج لبراهين.

رابعاً: المعيشة: نحن معارضين لأنه بالنسبة للمعيشة أول شيء رفعوا دعم المواد الاستهلاكية وإلى أين ذهبوا بالأموال التي وفروها؟ صرف إداري، صرف أمني وصرف سياسي، وليس معيشة المواطنين، وهذا معناه أن المواطنين ليس هنا فقط في كل مكان يعانون. الدولار ثمنه يقيس الأسعار لأن له صلة بها. قالوا لو ما جئنا نحن لكان الدولار عشرين جنيهاً، طيب الآن الدولار 18000 جنيه لأن هناك ثلاثة أصفار شطبوهن كدة ساكت.

خامساً: الحروب: هذه هي المشاكل التي عارضنا من أجلها. وعارضنا كذلك الحروب لماذا هذه الحروب وكيف؟

كما قلنا حكاية دارفور، دارفور قبل سنة 2002م لم تكن فيها حرب سياسية، كانت هناك حروب قبلية، ولكن الحرب السياسية بدأت سنة 2002م واستمرت حتى يومنا هذا 15 سنة، صحيح انحسرت  الآن في مواقع كثيرة، ولكن الحقيقة أن هذه الحروب اندلعت في ظل هذا النظام.

طبعاً البعض يقول بالنسبة لدارفور خلاص انتهى الموضوع..لا لم ينته الموضوع. الآن في دارفور هناك 6 مليون قطعة سلاح تملكها جهات مختلفة وقابلة للالتهاب في أي زمن، وكما في كثير جداً الآن من مناطق السودان صارت هناك ظاهرة البندقية المستأجرة، كثير من السودانيين في السلطة وخارج السلطة اليوم شغالين بالبندقية المستأجرة، ولا أريد أن أفصل أكثر، لكن هي مشكلة مهمة جداً. البندقية المستأجرة هذه غرس للحروب وهي حروب لا تأتي بنتيجة.

المهم هناك مؤسسة أمريكية اسمها “Rand Corporation”، قالت: “درسنا 684 حركة مقاومة مسلحة في الأعوام 1984- 2008م، كل هذه الحركات لا يمكن أن تنتهي إلا إذا انتهت باتفاق سياسي”. لأنه إذا لم تنته إلى اتفاق سياسي وظل هناك ناس مغبونين مدربين ومسلحين حتى لو ما بقوا في تكوين واحد، تتكون منهم عصابات تعمل على الاضطراب الأمني. لذلك  العاقل لا بد أن يسعى للحركات المسلحة الموجودة، وهي مستعدة أن تدخل في اتفاق عادل  ليس فيه تقرير مصير، ولا فيه إسقاط النظام بالقوة، لكن فيه نظام جديد متفق عليه حسب النظام الذي يمكن أن يقوم، هذا حصل في جنوب أفريقيا وحصل في مناطق كثيرة جداً، هذا النوع من الانتقال. على كل حال أي أمل أو كلام بأن نفتت هذه الحركات ونتجاوزها ونعتبرها انتهت.. فإنها لا تنتهي. الآن كثير منها بقي في ليبيا وكثير منها بقي في جنوب السودان، وكثير منها موجود حتى إذا لم يكن موجوداً في أراضٍ سودانية فهو موجود، وهناك إمكانية لعمله داخل السودان، لا يوجد حل لهذه المشاكل إلا باتفاق سياسي، خصوصاً وأنه كل هذه القوى مستعدة أن تدخل في اتفاق سياسي لسلام عادل شامل ليس فيه إسقاط نظام بالقوة ولا فيه تقرير مصير، ونحن نضمن ذلك. عرض كهذا كيف يرفضه العاقل؟!!

سادساً: السياسة الخارجية المحورية: من الأشياء التي نعارضها المحورية في السياسة الخارجية، لا يعقل أن نكون مع إيران إلى الآخر، ثم نقلب ضد إيران مع المعسكر الآخر ضد إيران إلى الآخر. السودان ينبغي أن يكون دوره محايداً لكي يستطيع أن يلعب دور التوفيق بين الطرفين، وليس المشاركة في هذه الحروب. نحن لا بد لنا أن نعمل في التوفيق بين السنة والشيعة. الآن هناك تيارات قوية جداً معتدلة في السنة وفي الشيعة، ونحن – السودان- واجبنا أن نجتمع بهؤلاء وأولئك. ونحن الآن نأمل إن شاء الله أنه في إيران في الانتخابات القادمة، وكما يشهد الناس فهناك صراع بين محافظين وبين إصلاحيين، نحن نأمل ونسأل الله سبحانه وتعالى أن ينتصر التيار الإصلاحي لكي نستطيع مع معتدلي أهل السنة أن نربط الناس على وفاق، لأن الحروب بين السنة والشيعة ظلت منذ معركة صفين، 14 قرناً، ولن تنتهي بالقتال. لا بد أن تنتهي بالوفاق، لذلك فدور السودان ليس أنه ينحاز، بل دور السودان أن يعمل على إزالة هذه المسائل. والحمد لله هناك ناس كثيرين نعرفهم من أهل الشيعة: مقتدى الصدر، على محمد سر فضل الله، وكثيرين جداً، معتدلين؛ وكذلك هنالك ناس معتدلين في أهل السنة، وواجبنا أننا في السودان، الحكومة ربما لا تفعل ذلك لأن لديها نظامها، ولكن نحن القوى الشعبية السودانية سنتحرك في إطار الصلح بين السنة والشيعة، ووقف هذه الحروب التي لا فائدة لها.

الحوار المنتهي:

الآن حوار الوثبة انتهى، واتفقوا، وعملوا حكومة لهذا الحوار. أنا أقول لهم السيد المسيح قال: “بثمارها تعرفونها” أي اتفاق أو حوار لا يحقق ثلاثة أمور “أخير قلته”، ما هي هذه الأمور الثلاثة هذه:

أولاً: وقف الحرب باتفاق نهائي، هذا مهم جداً جداً، وقف الحرب كنتيجة للحوار، أي حوار لا يوقف الحرب لا معنى له.

ثانياً: يوقف الانقسام السياسي، لا يمكن أن تتفق مع بعض الناس، وتقول أنا خلاص أوقفت الانقسام السياسي، لا بد من أن يكون هناك تراضٍ يوقف الانقسام السياسي. لا يمكن حزب زي حزب الأمة، وناس كحلفائنا في نداء السودان يكونوا خارج الحوار وتقول أنا اتفقت، اتفقت مع من؟! ولذلك لا بد أن تكون هناك نتيجة بإزالة هذا.

ثالثاً: التطبيع مع الأسرة الدولية: أنا سأتكلم الآن مع الأمريكان. لكن النظام السوداني عليه 63 قرار مجلس أمن، قرارات مهمة جداً وخطيرة جداً، ولن تحل ولا يمكن تجاوزها إلا إذا تحقق في السودان سلام عادل شامل وتحول ديمقراطي كامل، لا توجد طريقة أخرى.

نحن مستعدون نعمل هذا، ونقول لهم كونوا عقلاء، كونوا عقلاء تجاوبوا مع هذا المفهوم لأنه في هذه الحالة نستطيع أن نتعاون كلنا عشان: نوقف الحرب، ونزيل الاستقطاب السياسي، ونحقق تعاملاً بيننا وبين مجلس الأمن حول الـ 63 قرار مجلس أمن.

لا توجد طريقة لأي اتفاق ما لم يحقق هذه المقاييس، ولا قيمة له.

بعدين طبعاً الآن قالوا هم اتفقوا’، الاتفاق الذي حدث الآن ليس فيه ضمان للحريات. موضع الحريات هذا تجاوزوه، ولن تكون هناك سياسة اقتصادية جديدة، والعلاقات الخارجية ستكون كما هي، والسياسيات الأمنية ستكون كما هي، هذه الحكومة القادمة لا تقدم ولا تؤخر فيما يتعلق بهذه الملفات لا الحريات ولا الاقتصاد، إلخ.

أنصح أخواننا هؤلاء أولاً هي وزارة وليست حكومة، لماذا؟ في النظام الرئاسي الحكومة هي مؤسسة الرئاسة، فهي الحكومة التي تتخذ القرار، هذا الجديد وزارة جديدة وليس حكومة جديدة. الحكومة هي التي تقررها مؤسسة الرئاسة، وعلى أي حال، القرار سيكون لدى مؤسسة الرئاسة، صحيح هي التي تأخذ القرار، وكذلك مؤسسات الدولة العميقة، هؤلاء هم الذين سيأخذون القرار. الجماعة الآخرين هؤلاء سوف يكونون ضيوفاً على المؤتمر الوطني، صحيح ممكن كضيوف يعطونهم حرية: قهوتهك تريدها مظبوطة ولا فيها سكر؟ الكراسي تتنظم كيف؟ وهكذا، لكن تاني زيادة من كده مافي، كلهم هؤلاء سيأتوا وسينوروهم، وقد تكلم معي كثير جداً من وزراء ومستشارين ومساعدين كلهم هذه ألقاب هم عارفين أنهم موجودين هناك حقيقة من أجل ظروف شكلية، ولكن القرار- الحكومة – هي مؤسسة الرئاسة، والتنفيذ الحقيقي عند الدولة العميقة. والجماعة الآخرين ديل حقيقة كما  هو واضح تماماً وكلهم سيدركون هذه الحقيقة كلهم ليس لديهم صلاحيات حقيقية.

ويأتي الموضوع الخاص برفع العقوبات الأمريكية، طبعاً نحن قلنا كويس جداً يحصل هذا، وتكلم معنا الأمريكان وقلنا لهم أحسن يحصل، وبنفتكر فقط أن يربط هذا بأن يكون فيه مصالح للشعب السوداني: حريات وحقوق إنسان .. إلخ.

والحقيقة في آخر جلسة عملوها في الكونغرس جلسة استماع لكي يحضروا للكلام عن ماذا نفعل حينما نجلس مع الحكومة السودانية في يوليو؟ وكلهم وضعوا مقاييس، نحن نضيف لما هو موجود ضرورة أن تكون هناك حرية سياسية، ومراعاة لحقوق إنسان، وأعتقد أنه ستكون هناك ضرورة لمراعاة هذه الأشياء من أجل التطبيع مع الولايات للولايات المتحدة، لا بد من مراعاة ليس فقط للنقاط الخمس التي وضعوها ولكن ضرورة الاهتمام بأن تكون هناك مساحة حرية سياسية، حقوق الإنسا،ن نشاط منظمات المجتمع المدني إلى آخر هذه الأشياء.

نحن نعتقد إذا أنه كان النظام مستعداً فنحن وقعنا مع النظام اتفاقية، لم يكن التوقيع معنا بل مع ثامبو أمبيكي، هو قدم ما أسماه بخريطة الطريق، وقعوها هم في مارس 2016م وأنا عملت مجهود لكي نوقع عليها فوقعنا عليها نحن في أغسطس 2016م. هذه الخريطة بناءً عليها نحن اتفقنا مع أخواننا في نداء السودان قبل أن أعود أن نضع برنامج لتنفيذها، ما هو المطلوب؟ المطلوب:

  1. اتفاق على أشياء نسميها بناء الثقة: وقف العدائيات، انسياب الإغاثات،  كفالة الحريات. هذه لبناء الثقة  ويتفق عليها.
  2. يتفق أيضاً على أجندة لحكم انتقالي قومي.
  3. يتفق على أجندة لاتفاقية السلام.
  4. يتفق على أجندة للدستور.

هذه الأشياء هي التي تمثل البرنامج الذي ينبغي أن يتم لتنفيذ خريطة الطريق إذا حصل ذلك واتفق على هذه الأشياء، نقول إن كل القوى السياسية التي تمثلنا في نداء السودان تدخل داخل السودان لكي تناقش هذه الأشياء بالداخل بهدف الاتفاق على هذه الأمور وحسم الخلاف الخاص الآن بالحرب وغيرها. هذا هو الشيء الذي نحن نعتقد أنه ضروري يحصل.

نحن نعتقد أنه بالنسبة لنا نحن كنداء السودان لازم نعمل لكي نوحد صفوفنا وأنا من هنا أنادي أخواننا كلهم. صحيح هناك خلافات الآن في الحركة الشعبية، ولكن لا بد من  احتواء هذه الخلافات، أنا أقول هذا الكلام لأني التقيت الأخ عبد العزيز الحلو وقلت له بالنسبة للتجربة التي حصلت في الجنوب، الكلام عن تقرير المصير. أولاً جبال النوبة ليست كلها نوبة، جبال النوبة خليط من نوبة وعرب، تركيبة جبال النوبة مثل تركيبة باقي السودان، فلا معنى للكلام عن تقرير المصير، وهو ذاته كان موافق على هذا الكلام، لذلك استغربت حينما حصل تبني لهذا الموضوع. ولكن نحن واجبنا أن نزيل هذه الخلافات ونكون مستعدين للحوار مع النظام لكي نحدد الاتفاق حول خريطة الطريق، وهذا خيار، الخيار الثاني أن نمشي في التعبئة “هنا الشعب” التي يمكن أن تؤدي لاعتصامات وغيرها من وسائل أخرى غير الحوار. هذه هي الوسائل الموجودة وهي كلها وسائل سلمية، ونحن نأمل أننا إما عن طريق حوار باستحقاقاته واعتقد أن هذا وارد، أو العمل على التعبئة والاعتصامات وهذه وسيلة أخرى من وسائل تحقيق أهداف الشعب السوداني. المهم النظام الحالي الآن ما عاد لديه برنامج يقدمه، ولا فكر يقدمه، الحاصل الآن أنها حراسة للسلطة. ما في مانع يفعلوا ما يشاؤون بالسلطة، لكن نحن لا يمكن أن  نوافق على المشاركة في أمر إلا أن يحقق هذه الأهداف: سلام عادل شامل وتحول ديمقراطي كامل، إما أن يتم هذا عن طريق الحوار باستحقاقاته أو عن طريق العمل بالاعتصامات.

نحن الآن من ضمن عملنا كنداء السودان سنتفق نأمل ونعمل لكي نوحد كلمتنا وسنصدر الميثاق ونرفق بهذا الميثاق السياسات البديلة، نقدم لأهلنا في الشعب السوداني هذا الكتاب وهو “دليل بناء الوطن” ويصير هذا جزء من العملية التعبوية.

بالنسبة لنا نحن في حزب الأمة، كثير من الناس يقولون حزب الأمة، الأمة، أي ان اسم حزب الأمة صار كثيرون يلعبون به. أقول أي زول لا يعتمد مرجعية إسلامية متجددة، أي زول لا يعتمد مرجعية ديمقراطية، أي زول لا يلتزم بعفة اليد من ناحية الفساد هذا ليس أمة، هذا “لمة”. هناك من يرى حزب الأمة هذا “حاجة كده يتبنوها” هذا لا ينفع:

ألقـاب مملكة في غير موضعها              كالهرِّ يحكي انتفاضًا صولة الأسد

لا سبيل لذلك، الذي يريد الأمة لا بد من هذه الثلاثة أشياء المرجعية:

  1. مرجعية إسلامية متجددة.
  2. مرجعية ديمقراطية واضحة.
  3. عفة اليد.

إذا لم تتوافر هذه الصفات الثلاث فإنها ليست أمة بل لمّة.

 

الأنصار:

البعض يقول  نحن أيضاً أنصار. الأنصارية أيضاً ليست مسألة إدعاءات، لماذا؟ صحيح هناك ناس مولودين أنصار هؤلاء يمكن أن نسميهم مواليد أنصار، نعم. لكن لكي تصير أنصاريا معتمدا ففي الأنصارية هناك صفتين: الجهاد والاجتهاد، إذا لم تتوافر هذه الصفات فأنت مولود أنصاري ولست أنصارياً، بمعنى نعم أبوك أنصاري وجدك أنصاري هذا صحيح، ولكن الأنصارية بذينك الصفتين.

ما هو الجهاد؟ الجهاد الذي كان مع الإمام المهدي، والجهاد الذي جدد معناه الإمام عبد الرحمن هذا الجهاد المدني، الناس المستعدين للجهاد المدني والتضحيات المربوطة بالجهاد المدني. والاجتهاد: الذي يرى كتابات المهدي يجده كان يكتب منشورين في اليوم إلى أن انتقل إلى رحمة مولاه، هذا هو الاجتهاد، أما أن الإنسان يقول أنه أنصاري ولكن بدون جهاد ولا اجتهاد فهذا مولود أنصاري لا أنصاري لأن هذه هي الصفات.

الأئمة الذين قادوا هذا الكيان كانوا قمة التضحية، الإمام المهدي انتقل في شبابه وكان من الركاب للتراب، خليفة المهدي استشهد في الفروة وهو القائد الثاني بعد المهدي، الإمام عبد الرحمن حقيقة قلبه انفجر لما حدث من تدهور في البلد في السودان، وكذلك الإمام الصديق، وكذلك الإمام الهادي الذي مات شهيداً يرفع راية الدين وراية الديمقراطية. لذلك الآن تجد هناك ناس منسوبين له يطبلون للديكتاتورية، بينما هذا الرجل مات شهيداً في سبيل الدين والوطن والديمقراطية، فلا يمكن أن يضيع الناس هذا الدور.

بالنسبة لحزب الأمة تكلمت الأمينة العامة عن أننا الآن ساعين لكي نعقد المؤتمر الثامن، من أجل ماذا ينعقد هذا المؤتمر؟ المؤتمر الثامن  لكي تكون نتيجته  إن شاء الله التأسيس الرابع لحزب الأمة.

أما هيئة شئون الأنصار فأيضاً الآن هناك مجهود مهم جداً ستقوم به الهيئة:

  1. نجمع إن شاء الله كل الفصائل الدينية، هناك ناس في السلطة يسمون أنفسهم الحركة الإسلامية، الحركة الإسلامية في السودان واسعة جداً ليسوا الأخوان المسلمون وحدهم بل الحركة الإسلامية في السودان واسعة جداً. فنحن سنتبنى فكرة “ميثاق المهتدين” كي يجمع الأنصار وغيرهم من المهتدين من التنظيمات الدينية: الطرق الصوفية والمنظمات الدينية كلها، نريد أن نجمعهم حول كلمة نسميها “ميثاق المهتدين”.
  2. كذلك نريد أن نجمع الكلمة بيننا وبين الأديان الإبراهيمية حول ميثاق تتبناه هيئة شون الأنصار نسميه “ميثاق الإيمانيين” لكي نستطيع أن نزيل المواجهات بيننا وبين المسيحيين وغيرهم.
  3. كذلك نتبنى “ميثاق الحضاريين” الذي يجعلنا جميعاً نحترم حقوق الإنسان ونتعامل مع بعض بهذه المنطلقات.

إذن نحن الآن في مشوار إن شاء الله هيئة شئون الأنصار تتبنى هذه المواثيق، وإن شاء الله أيضاً نقيم رمزاً لهذا العمل وهو البقعة الجديدة، التي نأمل أن تتكون في أم درمان ولكن أن يكون لنا أيضاً بقعة جديدة في الجزيرة أبا، لكي يصير بين الاثنين عمل لإحياء الحركة الأنصارية بالمفاهيم المتجددة باعتبار أن هذه الحركة غير واقفة في تاريخ، ولا بد أن تكون متجددة لتستجيب لمطالب الدعوة الإسلامية في العصر الحالي، وخصوصاً أن  الدعوات الأخرى واجهت فشلاً كبيراً.

حزب الأمة يعمل إن شاء الله على التأسيس الرابع، وهذا كله في إطار أن نقوم بمهمتنا إن شاء الله، والذي أرجوه أن جميع الحاضرين المشكورين على الحماسة والتجاوب والاهتمام، جميعهم ينقلوا لكل من خلفهم هذه المعاني، وإن شاء الله نكون مع بعض عاملين لكي نجعل حزب الأمة يقوم بدوره التاريخي، وهيئة شئون الأنصار تقوم بدورها التاريخي، وأنتم طبعاً وقود هذا العمل إن شاء الله.

في النهاية هذا العمل نحن نعمل فيه باجتهاد وجهاد مدني، ومع أننا أكثر الناس تربيتنا جهادية وقتالية لأن هذا واضح جداً جداً في نفوسنا، لكن أبداً لا نستخدم ذلك، وينبغي ألا نستخدمه إلا دفاعياً، ولكن يكون عندنا دائماً الاستعداد للتضحية، وبدون شك أنا عارف ومقدر أهلنا وانتم منهم ضحوا كثيراً وصبروا كثيراً، وكل الأحداث التاريخية مثلما ذكر الحبيب منصوراشتركوا فيها وشاركوا فيها، ولكن إن شاء الله هذا كله يكافئه الله سبحانه وتعالى بمخرج آمن للسودان، يحقق تطلعات وأهداف الشعب السوداني المشروعة.

والسلام عليكم ورحمة الله.

[1]  رواه الترمذي

[2]  سورة الإسراء (70)

[3] سورة الكهف الآية (29)

[4] سورة المائدة الآية (8)

[5]  سورة البقرة (208)

[6]  سورة الحجرات الآية 13.